المخطط الأمريكي للهيمنة على العالم الثالث
يرصد كتاب "الاتصال والهيمنة الثقافية" من تأليف هربرت شيلر وترجمة الدكتور وجيه سمعان، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، عن مخططات القوى الكبرى في العالم للقضاء على الثقافات الأخرى، من خلال العولمة الثقافية.
يتناول الكتاب المخطط الأمريكي للهيمنة على العالم الثالث مركزاً على البعد الثقافي في عملية الهيمنة أخذ في اعتباره الأبعاد السياسية والاقتصادية الأخرى، وينتقد مؤلف الكتاب هربرت شيلر العالم الأمريكي الأوضاع الإعلامية والثقافية على المستوى الدولي التي تدعمها الولايات المتحدة الأمريكية بما لها من نفوذ قوي تسعى من خلاله إلي السيطرة الثقافية والهيمنة الإعلامية بهدف إحداث نوع من التبعية الفكرية لها بحيث يصبح النموذج الأمريكي مصدر المعرفة الذي يسعى إليه المثقفون من أبناء الدول النامية إلي تقليده وتبنى أفكار ورؤاه دون وعي لما يمثله هذا النموذج من خطر داهم من حاضر بلادهم ومستقبلها.
ويرى المؤلف أننا على أعتاب نوع جديد من الدبلوماسية الثقافية التي تستلزم تطور قطاع الاتصالات الثقافية في النظام العالمي بما يتسق وأهدف النظام العام وغاياته.
كما يوضح دور وسائل الإعلام في عملية الهيمنة من خلال الحملات الإعلامية التي تشنها الدول الكبرى ضد الدول التي تحاول الخروج من دائرة الهيمنة مثل الإدعاء بعدم ديمقراطية أنظمة الحكم في هذه الدول أو أنها تنتهك حقوق الإنسان أو أنها تشجع الأعمال الإرهابية أو أنها تسعى للحصول على ترسانة من الأسلحة النووية أو غير ذلك من الادعاءات التي تؤدي إلي إضعاف السلطة في هذه الدول.
كما يثير الكتاب عدة قضايا يمكن إيجازها فيما يلي:
أولا: قضية الهيمنة الثقافية.. منابعها وسياقها وأساليبها حيث يؤكد عل الدور الأمريكي وهذه الهيمنة من خلال وكالة التنمية الدولية والشركات المتعددة الجنسية التي تعمل على تقديم الأموال والخبرات اللازمة لدعم البحوث والمراكز العلمية والتعليمية في بلدان العالم الثالث والتي تخدم في النهاية الأغراض الأمريكية وتحقق لها أكبر قدر من المصالح والمكاسب وذلك من خلال التركيز على ثلاثة أهداف: الأول خلق كوادر علمية من الوطنيين في هذه البلدان يكون ولاءهم للولايات المتحدة أكثر من ولائهم لبلدانهم، الثاني: ربط النظام التعليمي في هذه البلدان بالنظام المتبع في الولايات المتحدة وذلك من خلال وجود مجموعة من خبراء التعليم الأمريكي في مراكز تطوير التعليم ووزارته بالدول النامية بحيث يسهمون في رسم سياساته العامة ووضع المناهج ونظم التدريس التي تكفل ضياع الهوية القومية وتحقيق الغربة الثقافية والحضارية والتبعية الفكرية التامة للمثل والنموذج الغربي الأمريكي. ومن ضمن القضايا التي يثيرها الكتاب قضية التدفق الحر للمعلومات حيث عملت الدول الغربية الكبرى أن يكون لها وسائلها الإعلامية وطرقها الاتصالية المهيمنة التي تسعى من خلالها لتحقيق الغزو الثقافي الكامل للعام الثالث تحقيقاً لاستمرار الهيمنة الاستعمارية الكاملة، أيضاً قضية الدور الذي تلعبه وكالات الأنباء العالمية والشركات المتعددة الجنسية ووكالات الإعلام الأمريكية في بسط هذه الهيمنة على الدول النامية سواء كانت في المجال التكنولوجي المرتبط بأجهزة الأعلام أو في المجال الثقافي والإعلامي أو حتى في المجال الأكاديمي حيث توجه البحوث الإعلامية الوجهة (الأمبريقية) التي تخدم الأغراض الأمريكية بدلا من التوجه إلي السياسة (النقدية) التي تكشف الهيمنة الأمريكية في تلك المجالات، ومن ضمن القضايا الخطرة التي أثارها الكتاب قضية استغلال الولايات المتحدة للتكنولوجيا المتقدمة المتمثلة في شبكات الحاسب الإلكتروني ونظم البث عبر الأقمار الصناعية كي تتخطى برسائلها الحواجز الوطنية للدول الأخرى وتعمل على نشرها على نطاق عالمي مما يؤكد فعاليتها كإحدى آليات الهيمنة الثقافية والإعلامية